. النظرية و الممارسة:
عثمان عبد المحمود عثمانجامعه السودان للعلوم والتكنولوجيا
إن ارتباط النظرية بالفكر يفترض أنها ترتبط بالممارسة. ذلك أن الإنسان كائن مفكر عامل، و على هذا الأساس يبدو أن النظرية لا تنفصل في الواقع عن الممارسة العملية، فمهما كان العمل بسيطا أو معقدا فلا بد أنه يمر على الأقل عبر خطاطة ذهنية و من ثم يمكن القول إن النظرية تشكل جزءا من الممارسة العملية و عنصرا مكملا لها، و هذا ما بينه عامل النفس جان بياجي: إن عملية المعرفة للواقع لا يتم إلا من خلال إدماجه في بنيات ذهنية سابقة أي أن المعرفة النظرية تنشأ بواسطة الممارسة العملية، فنحن لا ندرك الجديد إلا من خلال استعادة "معارفنا القديمة". و لكن لماذا تقدم النظرية في الفلسفة، و في المعرفة العلمية عموما منفصلة عن الممارسة العملية و عن المتفعة و مطالبها ؟.
لا بد و أن هناك شيئا ما في الممارسة العملية جعل العلم و الفلسفة و التفكير النظري المتخصص ينظرون إلى الممارسة أو التجربة بمعناها العادي نظرة تحقيرية. و لهذا يميز باشلار (كاستون) في الممارسة بين مستويين:
- مستوى النظرية المرتبطة بالممارسة بمعناها العادي و التي ترتبط بالحياة اليومية من أجل تلبية الحاجات و من ثم فهي ترتبط بالمنفعة و هي كافية للحياة و مطالبها.
- مستوى النظرية العقلية الخالصة التي ينتجها الفكر العلمي في استقلال عن المنفعة المباشرة، انطلاقا من عمليات عقلية استدلالية الشيء الذي يرشحها إلى تجاوز عيوب المعرفة و الممارسة بمعناها العادي.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق